حدود الرقابة القضائية علي الضبط الادارى
صفحة 1 من اصل 1
حدود الرقابة القضائية علي الضبط الادارى
حدود الرقابة القضائية علي الضبط الادارى
مع تحيات
المستشار أحمد عصام سنقسم دراستنا لهذا البحث الى عدة مباحث :
1 - المبحث الأول منه أنواع الرقابة علي أعمال الإدارة
2 - المبحث الثانى , مدى مراقبة القاضي الإداري على غاية القرار الإداري
3 - المبحث الثالث , مدى مراعاة القاضي الإداري للمبادئ العامة للقانون 4 - المبحث الرابع الرقابة القضائية و كيفية تحديد القرارات الإدارية المنفصلة
تمهــــــــــــــــيد :
أهداف جهة الإدارة إن أهـداف الوظيـفة الإدارية في المجتمع و الـدولة هو تحقيق أهـداف المصلحة العامة ــ بالمفهوم الإداري ــ عن طريق إشباع الحاجات العامة ، بواسطة المؤسسات العامة الإدارية و المرافق الإدارية العمومية . و حتى تتمكن الإدارة العامة من تحقيق أهدافها المختلفة ، في نطاق مبادئ المشروعية والمصلحة العامة فإنها ــ أي الإدارة العامة ــ تحوز وتمارس سلطات إدارية باختلاف أدواتها و وسائلها في مواجهة حقوق و حريات الأفراد و مصالحهم الجوهرية مثل : سلطات و وسائل الضبط الإدارية ( البوليس الإداري ) ، و سلطة اتخاذ القرارات الإدارية ، وسلطة التنفيذ المباشر ، و سلطة التنفيذ الجبري ، و سلطات و امتيازا الإدارة العامة المتعاقدة في مواجهة الطرف المتعاقد معها. و تتمظهر السلطة الإدارية في الوظيفة العامة للدولة ، التي تشكل في مجموعها فكرة السلطة الرئاسية ، التي تمارسها السلطات و القيادات الإدارية على المرافق و المؤسسات العامة الإدارية ، و على أشخاص و أعمال العاملين العاميين ، و كذا سلطة الاستيلاء المؤقت لأملاك الأشخاص العاديين ، إن اقتضت المصلحة العامة ذلك ، و سلطة التعبئة العامة ، و تطبيقات نظريات الظروف الاستثنائية و أعمال السيادة و السلطة التقديرية . إن الإدارة العامة التي تحوز على السلطات المذكورة أعلاه لكثيرا ما تحتك ــ بوسائلها المختلفة ــ بحقوق وحريات الأفراد باستمرار و بقوة ، الأمر الذي يشكل مخاطر جسيمة و محدقة دوما ، بالنظام القانوني لحقوق وحريات الإنسان و المواطن ، و المس بمبدأ الشرعية القانونية الذى تخضع له الإدارة العامة . إن أعمال الإدارة العامة الخارجة عن الشرعية القانونية ينجم عنها قيام المنازعات الإدارية و القضائية بينها و الأفراد ، الأمر الذي يستوجب و يستدعي تحريك كافة أنواع الرقابة عن أعمال الإدارة العامة لضمان سيادة مبدأ الشرعية ، و تحقيق العدالة و حماية المصلحة العامة ، من كافة مصادر و مخاطر أساليب الفساد الإداري ، و البيروقراطية و التخريب ، و كذا حماية حقوق و حريات الأفراد و مصالحهم الجوهرية ، من كل مظاهر الانحراف و الاستبداد و التعسف الإداري
المبحث الأول
أنواع الرقابة علي أعمال الإدارة
1 - الرقابة السياسية و هي التي تتم عن طريق السلطة النيابية ( البرلمانية ) 2 - الرقابة الإدارية و هي الرقابة الذاتية التي تقوم بها سلطة الوصايا الإدارية 3 - الرقابة القضائية وهي الرقابة التي يقوم بها القضاء الإداري بحسب التنظيم القضائي لكل دولة عربية. وأفضل نوع رقابي عن أعمال الإدارة هو الرقابة القضائية ، و ذلك لأسباب عدة ، منها أنه إذا كانت الرقابة السياسية تخضع لظروف و اعتبارات سياسية ، و الرقابة الإدارية لا تتصف بالتجرد و الموضوعية و ينقصها الحياد ، لأنه من الممكن أن لا تقر الإدارة بخطئها ، كما لا يجوز أن تكون الإدارة خصما و حكما في أن و احد . فإن الرقابة القضائية أكثر مدعاة للثقة فيما يتعلق بالمواطنين ، ذلك لما قد يتحلى به رجال القضاء من الدراية و المعرفة ، و النزاهة و الاستقلال في رقابتهم القضائية .
كما أن هذه الأخيرة لا تقوم إلا بناء على تظلم الأفراد أو الهيئات إن الدولة هي نقيض الفوضى .
و نقيض الفوضى هو تنظيم قواعد السلوك ، الضامنة لتحقيق الأهداف و الأغراض . إن الدولة ـ بصفتها أكبر شخص اعتباري في المجتمع ـ تقوم بوضع أسس تنظمها في مجموعة من القواعد تسمى بالدستور. و أن للهيئات التي تنشأ نتيجة لهذا الدستور سلطة إصدار الأوامر ، أو القرارات باسم الدولة ، حماية للنظام العام فيها ، و لتهيئة و سائل تطور هذا المجتمع ، بصورة مضطردة طبيعية ، و لسد مطالب الأفراد داخل هذا المجتمع . و سلطة مثل هذه الهيئات هي : 1 - السلطة التشريعية المخول لها سن القوانين في إطار قواعد الدستور . 2 - السلطة التنفيذية الموكل لها تنفيذ هذه القوانين في إطار مشروعيتها القانونية لا غير . و الحال كذالك ، فإن القانون الذي يحكم السلطة التنفيذية هو القانون الإداري ، الذي ينظم السلطة الإدارية و يحدد أوجه نشاطها و يحكم العلاقات التي تنشأ بينها وبين الأفراد ، عندما تقوم بممارسة هذا النشاط بوصفها سلطة عامة في الدولة . كما يتولى القانون الإداري بالفصل في المنازعات الإدارية التي قد تنشأ نتيجة تلك العلاقات. إن الفصل في المنازعات الإدارية يكون ضمن القضاء الإداري الذي يتولى : 1 - تنظيم الرقابة القضائية على نحو ما سلف أن قدمنا . 2 - النظر في مدى خضوع القرارات الإدارية إلى مبدأ المشروعية أو سيادة القانون . 3 - النظر في المنازعات الإدارية . 4 - الدعاوى الإدارية و الإجراءات أمام القضاء الإداري . و عليه ، إن ما يهمنا ـ بالقدر الأول هنا ـ هو مدلول مبدأ المشروعية أو بتعبير آخر المبادئ التي تقوم عليها الرقابة القضائية عن أعمال الإدارة الرسمية .
ذلك لأن مبدأ المشروعية هو قمة الضمانات الأساسية ـ الجدية و الحاسمة ـ لحقوق و حريات الشعوب ، في صراعاتها مع مظاهر الحكم المطلق . و يجمع الفقهاء على أن مبدأ المشروعية هو مبدأ " سيادة حكم القانون " الذي يحتمل معان كثيرة منها : ــ أن سيادة حكم القانون قد تعني فرض النظام و استتباب الأمن و هذا ما قد يضيق من سيادة القانون و يحصرها في نطاق الدولة البوليسية . ــ إن سيادة حكم القانون قد تحقق خضوع الإدارة للقانون و بالتالي تمكين الأفراد من الطعن في مشروعية القرارات الإدارية ، إلا أن هذا الضمان هو شكلي لا غير ، لأنه قد يخول للسلطة التشريعية أن تشرع ما تشاء و إلزام الإدارة بالخضوع إلى القانون و التغافل عن دستورية القوانين . و إذ نعترف ، بأن هناك آراء فقهية كثيرة أجتهدت في تحليل مبدأ سيادة حكم القانون فإننا نكتفي ـ لاحقا ـ بالأسس الرئيسية و المبادئ الرئيسية التي تضمن تحقيق مبدأ المشروعية على النحو التالي : 1 - أن يسرى مبدأ المشروعية أي سيادة القانون على جميع السلطات الحاكمة في الدولة ، " لأن سيادة القانون ليست ضمانا مطلوبا لحرية الفرد فحسب ، لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة في نفس الوقت " هذا ، علاوة على أن " سيادة القانون أساس الحكم في الدولة ". 2 - استقلال و حصانة القضاء . 3 - كفالة حق التقاضي لكافة المواطنين و سرعة الفصل في القضايا . 4 - حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء .
و حسب الدكتور سامي جمال الدين إن هذا النص الدستوري يؤدي إلى زوال إحدى النظريات التي كانت تمثل نقطة سوداء في جبين المشروعية ، في نظامنا القانوني و هي النظرية التي يطلق عليها " أعمال السيادة " و التي بمقتضاها لا يجوز للقضاء أن يمارس رقابته على أعمال توصف من أعمال السيادة و ما ينجم عن ذلك من فساد إداري و سياسي باسم أعمال السيادة ! 5 - كفالة حق الدفاع ، أصالة أو بالوكالة و تأمين وسائل الالتجاء إلى القضاء و الدفاع عن حقوق غير القادرين ماليا.
المبحث الثانى
مدى مراقبة القاضي الإداري على غاية القرار الإداري
إن القضاء الإداري يهتم بغاية القرار الإداري و بمدي مشروعيته .
فإن تبين أن قرارا إداريا ما ، كان مخالفا للشرعية القانونية ، و بناء على دعوى إلغاء واضحة ، فإن القاضي الإداري ، و بعد استيفاء الشروط الموضوعية و الشكلية لدعوى الإلغاء يصدر حكما بإلغاء القرار الإداري المخالف للشريعة القانونية و طلب التعويض عند الضرورة القانونية . لكن و الحال هكذا ، فإن القرارات الإدارية التي يمكن طلب إلغائها يجب إن تكون متصفة بما يلي: 1 - أن يكون القرار المطعون إداريا بمعنى أن يتميز هذا القرار عن أعمال الدولة و بالتالي استبعاد د عوى الإلغاء في أعمال السلطة التشريعية و السلطة القضائية و التنظيمات السياسية و حركات المجتمع المدني .... الخ .
2 - أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية بما فيها تلك القرارات التي تصدر من أشخاص القانون العام كالنقابات المهنية النقابية . 3 - أن يكون القرار تنفيذيا أي أن يكون نهائيا لا يتطلب تصديقه من قبل سلطة إدارية أعلى . 4 - أن يكون من شأن القرار الإداري ، التأثير في المركز القانوني للطاعن ، أي أن يتوفر شرط المصلحة لدى الطاعن وأن تتولد آثار قانونية من جراء هذا القرار و بذاته . و في الأخير ، أن المنازعات و الدعاوى الإدارية المتعلقة بالإلغاء تتعدد مناحيها ؛ فهناك الدعاوى المتصلة بشؤون الموظفين ، بما يعني طلب إلغاء قرارات الجهات الإدارية ، ذات الاختصاص أو الدعاوى الانتخابية المتعلقة بالطعون ، وإسقاط العضوية و غيرهما و لا يسمح المجال هنا للخوض فيها .
المبحث الثالث
مدى مراعاة القاضي الإداري للمبادئ العامة للقانون
إن المبادئ العامة للقانون هي مبادئ غير مشرعة ، يستلهمها القاضي من مقومات المجتمع ومن قواعد التنظيم القانوني في الدولة. وبعض هذه المبادئ و على سبيل المثال لا الحصر هي : مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون ، ومبدأ حرية التجارة و الصناعة ، و مبدأ حجية الشئ المقضى به ، و مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية ، و مبدأ حرية العقيدة ، و مبدأ عدم الجمع بين العقوبات ، و مبدأ كفالة حقوق الدفاع ــ ثم إن القاضي ملزم بأن يحكم بالعدل حتى و لو لم يجد نصا في القانون يمكن تطبيقه ، ذلك لأنه يستطيع أن يستلهم المبادئ العامة للقانون ، باعتبارها أحد مصادره ، و ذات قوة إلزامية قد تعادل إلزامية المادة القانونية ذاتها . و أن هذه المصادر هي نفسها التي أستلهمها المشرع نفسه عند تقنينه لهذه المادة القانونية . ليس بحق القاضي أن يتهرب من الحكم في النزاع بحجة عدم و جود نص قانوني ، و إلا فإنه يكون قد ارتكب إنكار العدالة و يكون قد خرج على مقتضى وظيفته و هو أن يحكم بالعدل . و خلاصة القول ، أن المبادئ العامة للقانون يأتي مصدرها من إعلان حقوق الإنسان في 1789 ، و من الدساتير الوطنية و من المصادر العرفية و أيضا من الشريعة الإسلامية التي تغذى الدساتير والقوانين الغربية جمعاء .
المبحث الرابع
الرقابة القضائية و كيفية تحديد القرارات الإدارية المنفصلة
تعتبر القرارات الإدارية المنفصلة أو القابلة للانفصال تطبيق من تطبيقات فكرة التمييز بين القرارات الإدارية البسيطة و القرارات الإدارية المركبة ، حيث الأولى قرارات إدارية مستقلة و قائمة بذاتها كقرارات السلطة الرئاسية ، و سلطة الوصايا و قرارات البوليس الإداري . أما القرارات الإدارية المركبة أو المختلطة ، فهي قرارات تصدر و هي مرتبطة و متصلة بعملية إدارية قانونية أخرى و غير مستقلة عنها ، بحيث هي جزء لا يتجزأ منها .
وغالبا ما تصدر القرارات الإدارية المركبة في مراحل سابقة أو معاصرة أو لاحقة لعملية إدارية قانونية ، كتلك المتعلقة بالعقود الإدارية ، و القرارات المركبة المتعلقة بالعملية الانتخابية الإدارية ، و المتعلقة بالأشغال العامة ، و تلك المتعلقة بنزع الملكية الخاصة بقصد المنفعة العامة . و الإشكالية تكمن في هل يجب قبول دعوى إلغاء القرارات الإدارية المركبة المرتبطة بعمليات إدارية قانونية تكون منازعاتها من اختصاص جهات القضاء العادي ؟ ألا يؤدي هذا الإلغاء إلى إهدار الحقوق الشخصية المكتسبة و المتولدة عن العملية الإدارية المركبة مثل العقود و الأشغال العامة و العمليات الضريبية .
أن مجلس الدولة الفرنسي ، بعد تكييفه لقابلية الانفصال الذاتية و الموضوعية عن العملية الإدارية أقر بدعوى الإلغاء في القرارات الإدارية غير المشروعة ، المنفصلة أو القابلة للانفصال عن العملية الإدارية ذاتيا أو موضوعيا. ـ و حسب المعيار الذاتي ، فإنه يجوز الطعن في القرارات المنفصلة ، إذا ما طعن فيها الغير بعدم الشرعية و دعوى الإلغاء أمام الجهات القضائية المختصة بها ، لان الطرف الأجنبي أو الغير عن العمليات الإدارية المركبة لا يملك حق استعمال دعاوى القضاء الكامل ضد العمليات الإدارية المركبة و غير المشروعة . كما يحق لصاحب الصفة و المصلحة الذي لا يجد دعوى من دعاوى القضاء الكامل للدفاع عن حقوقه و مصالحه أن يطعن في هذه القرارات المركبة ، كتلك الدعاوى التي يرفعها ممول الضرائب ضد القرارات الإدارية المركبة المتصلة بالعملية . ـ و حسب المعيار الموضوعي ، فإن تطبيقات القضاء الإداري ، قد أجازت فصل القرارات الإدارية المركبة عن العمليات الإدارية المركبة ، و الطعن فيها بعدم الشرعية ، و دعوى الإلغاء بصورة منفصلة و مستقلة عن دعاوى القضاء الكامل المقررة لحل منازعات العمليات الإدارية المركبة . و خير مثال هو الدعاوى الانتخابية و الدعاوى الضريبية و دعاوى نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة . ـ في النهاية ، إن فصل القرارات الإدارية القابلة للانفصال ، عن العمليات المركبة تعد مسألة موضوعية ، لان بذلك يمكن رفع دعاوى الإلغاء أمام القضاء الإداري ، على أساس أن جهات القضاء الإداري هي المتخصصة بالنظر و الفصل في دعوى الإلغاء . و لان القرارات الإدارية المركبة تعتبر مظهرا من مظاهر السلطة في العملية الإدارية ، الأمر الذي يحتم إبعاد القضاء العادي المختص بدعوى العملية الإدارية . أخيرا ، إن موضوع الرقابة القضائية لجد متسع ، بحيث و إن حاولنا الإلمام بخطوطه الكبرى إلا أن الموضوع لا يزال شاسعا بقدر ما لا تسمح به هذه المساحة المتاحة .
مع تحيات
المستشار أحمد عصام سنقسم دراستنا لهذا البحث الى عدة مباحث :
1 - المبحث الأول منه أنواع الرقابة علي أعمال الإدارة
2 - المبحث الثانى , مدى مراقبة القاضي الإداري على غاية القرار الإداري
3 - المبحث الثالث , مدى مراعاة القاضي الإداري للمبادئ العامة للقانون 4 - المبحث الرابع الرقابة القضائية و كيفية تحديد القرارات الإدارية المنفصلة
تمهــــــــــــــــيد :
أهداف جهة الإدارة إن أهـداف الوظيـفة الإدارية في المجتمع و الـدولة هو تحقيق أهـداف المصلحة العامة ــ بالمفهوم الإداري ــ عن طريق إشباع الحاجات العامة ، بواسطة المؤسسات العامة الإدارية و المرافق الإدارية العمومية . و حتى تتمكن الإدارة العامة من تحقيق أهدافها المختلفة ، في نطاق مبادئ المشروعية والمصلحة العامة فإنها ــ أي الإدارة العامة ــ تحوز وتمارس سلطات إدارية باختلاف أدواتها و وسائلها في مواجهة حقوق و حريات الأفراد و مصالحهم الجوهرية مثل : سلطات و وسائل الضبط الإدارية ( البوليس الإداري ) ، و سلطة اتخاذ القرارات الإدارية ، وسلطة التنفيذ المباشر ، و سلطة التنفيذ الجبري ، و سلطات و امتيازا الإدارة العامة المتعاقدة في مواجهة الطرف المتعاقد معها. و تتمظهر السلطة الإدارية في الوظيفة العامة للدولة ، التي تشكل في مجموعها فكرة السلطة الرئاسية ، التي تمارسها السلطات و القيادات الإدارية على المرافق و المؤسسات العامة الإدارية ، و على أشخاص و أعمال العاملين العاميين ، و كذا سلطة الاستيلاء المؤقت لأملاك الأشخاص العاديين ، إن اقتضت المصلحة العامة ذلك ، و سلطة التعبئة العامة ، و تطبيقات نظريات الظروف الاستثنائية و أعمال السيادة و السلطة التقديرية . إن الإدارة العامة التي تحوز على السلطات المذكورة أعلاه لكثيرا ما تحتك ــ بوسائلها المختلفة ــ بحقوق وحريات الأفراد باستمرار و بقوة ، الأمر الذي يشكل مخاطر جسيمة و محدقة دوما ، بالنظام القانوني لحقوق وحريات الإنسان و المواطن ، و المس بمبدأ الشرعية القانونية الذى تخضع له الإدارة العامة . إن أعمال الإدارة العامة الخارجة عن الشرعية القانونية ينجم عنها قيام المنازعات الإدارية و القضائية بينها و الأفراد ، الأمر الذي يستوجب و يستدعي تحريك كافة أنواع الرقابة عن أعمال الإدارة العامة لضمان سيادة مبدأ الشرعية ، و تحقيق العدالة و حماية المصلحة العامة ، من كافة مصادر و مخاطر أساليب الفساد الإداري ، و البيروقراطية و التخريب ، و كذا حماية حقوق و حريات الأفراد و مصالحهم الجوهرية ، من كل مظاهر الانحراف و الاستبداد و التعسف الإداري
المبحث الأول
أنواع الرقابة علي أعمال الإدارة
1 - الرقابة السياسية و هي التي تتم عن طريق السلطة النيابية ( البرلمانية ) 2 - الرقابة الإدارية و هي الرقابة الذاتية التي تقوم بها سلطة الوصايا الإدارية 3 - الرقابة القضائية وهي الرقابة التي يقوم بها القضاء الإداري بحسب التنظيم القضائي لكل دولة عربية. وأفضل نوع رقابي عن أعمال الإدارة هو الرقابة القضائية ، و ذلك لأسباب عدة ، منها أنه إذا كانت الرقابة السياسية تخضع لظروف و اعتبارات سياسية ، و الرقابة الإدارية لا تتصف بالتجرد و الموضوعية و ينقصها الحياد ، لأنه من الممكن أن لا تقر الإدارة بخطئها ، كما لا يجوز أن تكون الإدارة خصما و حكما في أن و احد . فإن الرقابة القضائية أكثر مدعاة للثقة فيما يتعلق بالمواطنين ، ذلك لما قد يتحلى به رجال القضاء من الدراية و المعرفة ، و النزاهة و الاستقلال في رقابتهم القضائية .
كما أن هذه الأخيرة لا تقوم إلا بناء على تظلم الأفراد أو الهيئات إن الدولة هي نقيض الفوضى .
و نقيض الفوضى هو تنظيم قواعد السلوك ، الضامنة لتحقيق الأهداف و الأغراض . إن الدولة ـ بصفتها أكبر شخص اعتباري في المجتمع ـ تقوم بوضع أسس تنظمها في مجموعة من القواعد تسمى بالدستور. و أن للهيئات التي تنشأ نتيجة لهذا الدستور سلطة إصدار الأوامر ، أو القرارات باسم الدولة ، حماية للنظام العام فيها ، و لتهيئة و سائل تطور هذا المجتمع ، بصورة مضطردة طبيعية ، و لسد مطالب الأفراد داخل هذا المجتمع . و سلطة مثل هذه الهيئات هي : 1 - السلطة التشريعية المخول لها سن القوانين في إطار قواعد الدستور . 2 - السلطة التنفيذية الموكل لها تنفيذ هذه القوانين في إطار مشروعيتها القانونية لا غير . و الحال كذالك ، فإن القانون الذي يحكم السلطة التنفيذية هو القانون الإداري ، الذي ينظم السلطة الإدارية و يحدد أوجه نشاطها و يحكم العلاقات التي تنشأ بينها وبين الأفراد ، عندما تقوم بممارسة هذا النشاط بوصفها سلطة عامة في الدولة . كما يتولى القانون الإداري بالفصل في المنازعات الإدارية التي قد تنشأ نتيجة تلك العلاقات. إن الفصل في المنازعات الإدارية يكون ضمن القضاء الإداري الذي يتولى : 1 - تنظيم الرقابة القضائية على نحو ما سلف أن قدمنا . 2 - النظر في مدى خضوع القرارات الإدارية إلى مبدأ المشروعية أو سيادة القانون . 3 - النظر في المنازعات الإدارية . 4 - الدعاوى الإدارية و الإجراءات أمام القضاء الإداري . و عليه ، إن ما يهمنا ـ بالقدر الأول هنا ـ هو مدلول مبدأ المشروعية أو بتعبير آخر المبادئ التي تقوم عليها الرقابة القضائية عن أعمال الإدارة الرسمية .
ذلك لأن مبدأ المشروعية هو قمة الضمانات الأساسية ـ الجدية و الحاسمة ـ لحقوق و حريات الشعوب ، في صراعاتها مع مظاهر الحكم المطلق . و يجمع الفقهاء على أن مبدأ المشروعية هو مبدأ " سيادة حكم القانون " الذي يحتمل معان كثيرة منها : ــ أن سيادة حكم القانون قد تعني فرض النظام و استتباب الأمن و هذا ما قد يضيق من سيادة القانون و يحصرها في نطاق الدولة البوليسية . ــ إن سيادة حكم القانون قد تحقق خضوع الإدارة للقانون و بالتالي تمكين الأفراد من الطعن في مشروعية القرارات الإدارية ، إلا أن هذا الضمان هو شكلي لا غير ، لأنه قد يخول للسلطة التشريعية أن تشرع ما تشاء و إلزام الإدارة بالخضوع إلى القانون و التغافل عن دستورية القوانين . و إذ نعترف ، بأن هناك آراء فقهية كثيرة أجتهدت في تحليل مبدأ سيادة حكم القانون فإننا نكتفي ـ لاحقا ـ بالأسس الرئيسية و المبادئ الرئيسية التي تضمن تحقيق مبدأ المشروعية على النحو التالي : 1 - أن يسرى مبدأ المشروعية أي سيادة القانون على جميع السلطات الحاكمة في الدولة ، " لأن سيادة القانون ليست ضمانا مطلوبا لحرية الفرد فحسب ، لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة في نفس الوقت " هذا ، علاوة على أن " سيادة القانون أساس الحكم في الدولة ". 2 - استقلال و حصانة القضاء . 3 - كفالة حق التقاضي لكافة المواطنين و سرعة الفصل في القضايا . 4 - حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء .
و حسب الدكتور سامي جمال الدين إن هذا النص الدستوري يؤدي إلى زوال إحدى النظريات التي كانت تمثل نقطة سوداء في جبين المشروعية ، في نظامنا القانوني و هي النظرية التي يطلق عليها " أعمال السيادة " و التي بمقتضاها لا يجوز للقضاء أن يمارس رقابته على أعمال توصف من أعمال السيادة و ما ينجم عن ذلك من فساد إداري و سياسي باسم أعمال السيادة ! 5 - كفالة حق الدفاع ، أصالة أو بالوكالة و تأمين وسائل الالتجاء إلى القضاء و الدفاع عن حقوق غير القادرين ماليا.
المبحث الثانى
مدى مراقبة القاضي الإداري على غاية القرار الإداري
إن القضاء الإداري يهتم بغاية القرار الإداري و بمدي مشروعيته .
فإن تبين أن قرارا إداريا ما ، كان مخالفا للشرعية القانونية ، و بناء على دعوى إلغاء واضحة ، فإن القاضي الإداري ، و بعد استيفاء الشروط الموضوعية و الشكلية لدعوى الإلغاء يصدر حكما بإلغاء القرار الإداري المخالف للشريعة القانونية و طلب التعويض عند الضرورة القانونية . لكن و الحال هكذا ، فإن القرارات الإدارية التي يمكن طلب إلغائها يجب إن تكون متصفة بما يلي: 1 - أن يكون القرار المطعون إداريا بمعنى أن يتميز هذا القرار عن أعمال الدولة و بالتالي استبعاد د عوى الإلغاء في أعمال السلطة التشريعية و السلطة القضائية و التنظيمات السياسية و حركات المجتمع المدني .... الخ .
2 - أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية بما فيها تلك القرارات التي تصدر من أشخاص القانون العام كالنقابات المهنية النقابية . 3 - أن يكون القرار تنفيذيا أي أن يكون نهائيا لا يتطلب تصديقه من قبل سلطة إدارية أعلى . 4 - أن يكون من شأن القرار الإداري ، التأثير في المركز القانوني للطاعن ، أي أن يتوفر شرط المصلحة لدى الطاعن وأن تتولد آثار قانونية من جراء هذا القرار و بذاته . و في الأخير ، أن المنازعات و الدعاوى الإدارية المتعلقة بالإلغاء تتعدد مناحيها ؛ فهناك الدعاوى المتصلة بشؤون الموظفين ، بما يعني طلب إلغاء قرارات الجهات الإدارية ، ذات الاختصاص أو الدعاوى الانتخابية المتعلقة بالطعون ، وإسقاط العضوية و غيرهما و لا يسمح المجال هنا للخوض فيها .
المبحث الثالث
مدى مراعاة القاضي الإداري للمبادئ العامة للقانون
إن المبادئ العامة للقانون هي مبادئ غير مشرعة ، يستلهمها القاضي من مقومات المجتمع ومن قواعد التنظيم القانوني في الدولة. وبعض هذه المبادئ و على سبيل المثال لا الحصر هي : مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون ، ومبدأ حرية التجارة و الصناعة ، و مبدأ حجية الشئ المقضى به ، و مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية ، و مبدأ حرية العقيدة ، و مبدأ عدم الجمع بين العقوبات ، و مبدأ كفالة حقوق الدفاع ــ ثم إن القاضي ملزم بأن يحكم بالعدل حتى و لو لم يجد نصا في القانون يمكن تطبيقه ، ذلك لأنه يستطيع أن يستلهم المبادئ العامة للقانون ، باعتبارها أحد مصادره ، و ذات قوة إلزامية قد تعادل إلزامية المادة القانونية ذاتها . و أن هذه المصادر هي نفسها التي أستلهمها المشرع نفسه عند تقنينه لهذه المادة القانونية . ليس بحق القاضي أن يتهرب من الحكم في النزاع بحجة عدم و جود نص قانوني ، و إلا فإنه يكون قد ارتكب إنكار العدالة و يكون قد خرج على مقتضى وظيفته و هو أن يحكم بالعدل . و خلاصة القول ، أن المبادئ العامة للقانون يأتي مصدرها من إعلان حقوق الإنسان في 1789 ، و من الدساتير الوطنية و من المصادر العرفية و أيضا من الشريعة الإسلامية التي تغذى الدساتير والقوانين الغربية جمعاء .
المبحث الرابع
الرقابة القضائية و كيفية تحديد القرارات الإدارية المنفصلة
تعتبر القرارات الإدارية المنفصلة أو القابلة للانفصال تطبيق من تطبيقات فكرة التمييز بين القرارات الإدارية البسيطة و القرارات الإدارية المركبة ، حيث الأولى قرارات إدارية مستقلة و قائمة بذاتها كقرارات السلطة الرئاسية ، و سلطة الوصايا و قرارات البوليس الإداري . أما القرارات الإدارية المركبة أو المختلطة ، فهي قرارات تصدر و هي مرتبطة و متصلة بعملية إدارية قانونية أخرى و غير مستقلة عنها ، بحيث هي جزء لا يتجزأ منها .
وغالبا ما تصدر القرارات الإدارية المركبة في مراحل سابقة أو معاصرة أو لاحقة لعملية إدارية قانونية ، كتلك المتعلقة بالعقود الإدارية ، و القرارات المركبة المتعلقة بالعملية الانتخابية الإدارية ، و المتعلقة بالأشغال العامة ، و تلك المتعلقة بنزع الملكية الخاصة بقصد المنفعة العامة . و الإشكالية تكمن في هل يجب قبول دعوى إلغاء القرارات الإدارية المركبة المرتبطة بعمليات إدارية قانونية تكون منازعاتها من اختصاص جهات القضاء العادي ؟ ألا يؤدي هذا الإلغاء إلى إهدار الحقوق الشخصية المكتسبة و المتولدة عن العملية الإدارية المركبة مثل العقود و الأشغال العامة و العمليات الضريبية .
أن مجلس الدولة الفرنسي ، بعد تكييفه لقابلية الانفصال الذاتية و الموضوعية عن العملية الإدارية أقر بدعوى الإلغاء في القرارات الإدارية غير المشروعة ، المنفصلة أو القابلة للانفصال عن العملية الإدارية ذاتيا أو موضوعيا. ـ و حسب المعيار الذاتي ، فإنه يجوز الطعن في القرارات المنفصلة ، إذا ما طعن فيها الغير بعدم الشرعية و دعوى الإلغاء أمام الجهات القضائية المختصة بها ، لان الطرف الأجنبي أو الغير عن العمليات الإدارية المركبة لا يملك حق استعمال دعاوى القضاء الكامل ضد العمليات الإدارية المركبة و غير المشروعة . كما يحق لصاحب الصفة و المصلحة الذي لا يجد دعوى من دعاوى القضاء الكامل للدفاع عن حقوقه و مصالحه أن يطعن في هذه القرارات المركبة ، كتلك الدعاوى التي يرفعها ممول الضرائب ضد القرارات الإدارية المركبة المتصلة بالعملية . ـ و حسب المعيار الموضوعي ، فإن تطبيقات القضاء الإداري ، قد أجازت فصل القرارات الإدارية المركبة عن العمليات الإدارية المركبة ، و الطعن فيها بعدم الشرعية ، و دعوى الإلغاء بصورة منفصلة و مستقلة عن دعاوى القضاء الكامل المقررة لحل منازعات العمليات الإدارية المركبة . و خير مثال هو الدعاوى الانتخابية و الدعاوى الضريبية و دعاوى نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة . ـ في النهاية ، إن فصل القرارات الإدارية القابلة للانفصال ، عن العمليات المركبة تعد مسألة موضوعية ، لان بذلك يمكن رفع دعاوى الإلغاء أمام القضاء الإداري ، على أساس أن جهات القضاء الإداري هي المتخصصة بالنظر و الفصل في دعوى الإلغاء . و لان القرارات الإدارية المركبة تعتبر مظهرا من مظاهر السلطة في العملية الإدارية ، الأمر الذي يحتم إبعاد القضاء العادي المختص بدعوى العملية الإدارية . أخيرا ، إن موضوع الرقابة القضائية لجد متسع ، بحيث و إن حاولنا الإلمام بخطوطه الكبرى إلا أن الموضوع لا يزال شاسعا بقدر ما لا تسمح به هذه المساحة المتاحة .
مواضيع مماثلة
» الحراسة القضائية
» بعدم دستورية المادة 83 من ق السلطة القضائية
» قانون رقم 10 لسنة 2009 تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية
» قانون رقم 10 لسنة 2009 تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية
» القانون رقم 73 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية و القانون رقم 91 لسنة 1944 بالرسوم أمام المحاكم الشرعية
» بعدم دستورية المادة 83 من ق السلطة القضائية
» قانون رقم 10 لسنة 2009 تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية
» قانون رقم 10 لسنة 2009 تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية
» القانون رقم 73 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية و القانون رقم 91 لسنة 1944 بالرسوم أمام المحاكم الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى