القابلية للتحكيم
صفحة 1 من اصل 1
القابلية للتحكيم
القابلية للتحكيم
من إعداد محمد علي السيد المحكم والمحام بالنقض
النظرة العامة للقانون رقم 47 لسنة 1994 – قانون التحكيم المصري الجديد – تتطلب منا لاستخلاص ماهية السائل التي يجوز التحكيم فيها أن نتناول هذه المسألة علي وجهين :
الوجه الأول : قابلية التحكيم من الأشخاص .(القابلية الشخصية للتحكيم )
الوجه الثاني : قابلية التحكيم من حيث موضوع النزاع ( القابلية الموضوعية للتحكيم )
الوجه الأول : القابلية الشخصية للتحكيم :
ونعني بالقابلية الشخصية للتحكيم هو أن يكون التحكيم بين أطراف يجوز لهم الالتجاء للتحكيم كوسيلة من وسائل فض المنازعات التي تنشأ فيما بينهم.
ولعل التحكيم بحكم كونه عقد ملزم لإبرامه في أطرافه أن يتوافر لديهم الرضا والأهلية بحكم كونهما من الشروط العامة لانعقاد أي عقد من العقود .
الرضا:
- يلزم لإبرام عقد التحكيم توافر الرضا في أطرافه ، معقد التحكيم- كغيره من العقود- قوامه الإرادة ، فإذا انتفت الإرادة كلية كان العقد باطلا بطلانا مطلقا ويصبح العقد في حكم العدم ، وترتيبا علي ذلك ، إذا صدر اتفاق التحكيم عن صبي غير مميز أو عن مجنون كان اتفاق التحكيم منعدما ، ولا فرق في ذلك بين شرط التحكيم أو المشارطة .
- أما إذا كانت إرادة أطراف العملية التحكمية معيبة بعيب من عيوب الإرادة ( الغلط ، التدليس ، الإكراه ،الاستغلال ) فإن العقد يكون باطلا وفقا لأحكام القانون المدني .
الأهلية :
- المادة (11) من قانون التحكيم المصري الجديد تنص علي أنه " لا يجوز الاتفاق علي التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه ، ……"
- وبناءا علي ما سبق ، يلزم أن تتوافر الأهلية لدى الأطراف ، وهي أهلية التصرف ، فإذا ما تلق الأمر بأطراف غير مصريين فالمرجع حينئذ سيكون لقانون جنسيتهم في شأن أهليتهم .
- وعلي ذلك لا يملك القاصر أو المحجور عليه قبول التحكيم ، ولا يملك الولي أو الوصي أو القيم قبوله نيابة عنهم فليس لهم التصرف في أموالهم إلا بإذن من المحكمة الحسبية وفي الأحوال المقررة في القانون .
- أما بالنسبة للأشخاص الاعتبارة العامة أو الخاصة ، فينفي التأكد من استيفاءهم الشروط التي يقررها القانون الذي نشأوا في ظله للإقرار بالشخصية الاعتبارية لهم .
ولعل مسألة كون أحد الأطراف في اتفاق التحكيم هو الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة تحتاج إلي قدر من التفصيل ، خاصة وأن الدولة قد تتزرع بعدم القابلية لتحكيم من التاحية الشخصية إذا أرادت أن تتملص من اللجوء للتحكيم .
-وحتى نستطيع أن نتعرض لجوانب هذا الموضوع ينبغي الإشارة إلي الوضع قبل قانون التحكيم المصري الجديد ثم الوضع بعد صدور هذا القانون .
أولا : الوضع قبل قانون التحكيم المصري الجديد رقم 27 لسنة 1994:
نصت المادة 501 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1998 والتي حملت نصوصه تنظيم مسألة التحكيم في الباب الثالث منه – علي أنه " لا يجوز الاتفاق علي التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكم خاصة ، كما لا يجوز الاتفاق علي التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ تنفيذ عقد معين …"
- ولعل عمومية هذا النص سببت نوعا من التضارب في الفقه ما بين فريق ذهب إلي جواز التحكيم في عقود الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وبين فريق رافض لهذه الأجازة .
- ولعل أنصار الفريق الرافض للتحكيم في العقود المبرمة بواسطة الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة استند علي حجج تتمثل في أمرين :
الحجة الأولى : التحكيم يتعارض مع اعتبارات السيادة للدولة :
ذلك أن التحكيم هو سلب لاختصاص القضاء الوطني والقضاء هو مظهر من مظاهر سيادة الدولة أيضا .
ولعل هذه الحجة مرفوضة من أكثر وجه :
أولا: أن التحكيم منظم من قبل القانون الوطني وبالتالي حتى ولو كان التحكيم فيه سلبا لاختصاص قضاء الدولة فإن الشرع الوطني هو الذي سمح بذاك .
ثانيا: القضاء يشرف علي عملية التحكيم برقابته للعملية التحكمية ، فإذا ما جاء المحكم عن الطريق فإن الوسائل متاحة للمحتكمين للجوء للقضاء حتى يصحح الأوضاع المغلوطة .
ثالثا : القضاء قد يحسم الخصومات برأي خبير ، أليس التحكيم نوعا من اللجوء المباشر لخبير لحسم المنازعة بين الخصوم ؟
رابعا: فيما يتعلق بتطبيق قوانين غير وطنية ، وما تحمله من معنى عدم احترام سيادة الدولة نوع من الفهم القاصر لمعنى " القانون" .
فالقواعد القانونية ليست هي القانون الوضعي وحده بل يوجد قواد قانونية أخرى بجوارها تكمل نقائصها وتلائم بينها وبين المصالح المطلوب حمايتها ، وفي مجال المعاملات الدولية ، تتصارع القوانين حتى تفصل قواعد القانون الدولة الخاص في أي القوانين أوجب للتطبيق ، وبطبيعة الحال سيكون هذا القانون أجنبيا لأحد أطراف خصومة التحكيم ، وليس في ذلك أي من انتهاك لاعتبارات سيادة الدولة ، فاتفاق التحكيم لا يهدر سيادة قانون معين بالذات وإنما هو أداة لتسوية صراعات بين عدة قوانين وطنية بتطبيق أحدهم أو بإقصائها جميعا وإحلال قواعد أخرى محلها .
وبناءا علي ما سبق لا تنهض حجة التعارض مع اعتبارات سيادة الدولة علي تأسيس بل تصبح في الإطار السابق متعنية الرفض .(1)
الحجة الثانية : إجازة التحكيم في عقود الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة عدوان علي اختصاص القضاء الإداري :
- تنص المادة 172 من الدستور المصري علي " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ، ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى "
- ورد بالقرار بقانون بشأن مجلس الدولة رقم 47 لسنة 72 ما نصه " تختص محاكم مجلس الدولة دون غرض بالفصل في المسائل التالية :
(حادي عشر ) –المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو بأي عقد إداري أخر …."
- والحقيقة أن هذه الحجة كذلك لا تنهض دليلا علي عدم جواز التحكيم في العقود الادارية ذلك أن نص المادة 172 من الدستور المصري لا تجدي في هذا المقام فهي وردت في معرض تأكيد استقلالية المجلس بنص دستوري وصونا له من عدم مساس المشرع العاري به .
- أما نص المادة العاشرة في فقرتها حادي عشر ، يفسره تطور اختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية ، فالقانون رقم 9 لسنة 49 كان يجيز للقضاء الإداري كما يجيز للقضاء العاري نظر هذه الدعاوى ، بحيث إذا تم رفع المنازعة أمام مجلس الدولة امنتع الالتجاء للقضاء العاري وكذلك الحال إذا تم اللجوء للقضاء العادي يمتنع رفع نفس النزاع لمجلس الدولة . وكان هذا الاختصاص المشترك يمثل شذوذا وجاء تصحيحه بالقانون رقم 165 لسنة 1955 وتم تأكيده بالفقرة الحادية عشر بالمادة الخامسة من ق رقم 47 لسنة 72 ، ومن ثم يبدو جليا أنه ليس القصد باختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها … استبعاد العقود الإدارية من نطاق التحكيم كوسيلة لفض المنازعات بقدر ما هو تطور تاريخي لاختصاص مجلس الدولة . (1)
موقف القضاء :
المبحث الاول
رقابة القضاء لتنفيذ احكام التحكيم في القانون الوضعى
• لا شك أن مسالة التحكيم من المسائل التى تحوز اهمية بالغة في عصرنا الحديث بيد انه في ذات الوقت تحوز مسالة تنفيذ احكام التحكيم اهمية لا تقل باى حال عن اهمية العملية التحكيمية ذاتها ، لذا ينبغى أن نقرر أن تنفيذ الاحكام الصادرة عن الهيئات التحكيمية تختلف عن الاحكام القضائية في مرحلة التنفيذ .
• ذلك أن احكام القضاء تحوز قوة التنفيذ اذا ما صدرت من محاكم الدرجة الأولي او الدرجة الثانية بحسب الاحوال حين أن احكام المحكمين لا تحوز هذه القوة الا بعد صدور اذن من القاضى المختص حين يرى البعض أن حكم المحكم يولد مشتملا على عنصر تنفيذه جبرا أي انه يولد مزودا بالقوة التنفيذية ، والصيغة التنفيذية التى يذيل بها ليست الا شكلا لترجمة هذه القوة الذاتية لحكم التحكيم . [1]
• والحق أن القاضى المختص يصدر امره بالتنفيذ لحكم التحكيم بمقتضى السلطة الولائية فالقاضى حينما يقوم بدوره هذا لا يخرج عن كونه يساعد شخصا عاديا يصدر حكما تنقصه القوة التنفيذية فيكمل القاضى دور المحكم ويسبغ على حكمه القوة التنفيذية ويجعله بذلك كالسندات التنفيذية . [2]
• وفى هذا الصدد يجب عدم الخلط – بطبيعة الحال – بين قوة التنفيذ لاحكام التحكيم وبين حجية الامر المقضى لهذه الاحكام . [3]
القابلية للتحكيم
النظرة العامة للقانون رقم 47 لسنة 1994 – قانون التحكيم المصري الجديد – تتطلب منا لاستخلاص ماهية السائل التي يجوز التحكيم فيها أن نتناول هذه المسألة علي وجهين :
الوجه الأول : قابلية التحكيم من الأشخاص .(القابلية الشخصية للتحكيم )
الوجه الثاني : قابلية التحكيم من حيث موضوع النزاع ( القابلية الموضوعية للتحكيم )
الوجه الأول : القابلية الشخصية للتحكيم :
ونعني بالقابلية الشخصية للتحكيم هو أن يكون التحكيم بين أطراف يجوز لهم الالتجاء للتحكيم كوسيلة من وسائل فض المنازعات التي تنشأ فيما بينهم.
ولعل التحكيم بحكم كونه عقد ملزم لإبرامه في أطرافه أن يتوافر لديهم الرضا والأهلية بحكم كونهما من الشروط العامة لانعقاد أي عقد من العقود .
الرضا:
- يلزم لإبرام عقد التحكيم توافر الرضا في أطرافه ، معقد التحكيم- كغيره من العقود- قوامه الإرادة ، فإذا انتفت الإرادة كلية كان العقد باطلا بطلانا مطلقا ويصبح العقد في حكم العدم ، وترتيبا علي ذلك ، إذا صدر اتفاق التحكيم عن صبي غير مميز أو عن مجنون كان اتفاق التحكيم منعدما ، ولا فرق في ذلك بين شرط التحكيم أو المشارطة .
- أما إذا كانت إرادة أطراف العملية التحكمية معيبة بعيب من عيوب الإرادة ( الغلط ، التدليس ، الإكراه ،الاستغلال ) فإن العقد يكون باطلا وفقا لأحكام القانون المدني .
الأهلية :
- المادة (11) من قانون التحكيم المصري الجديد تنص علي أنه " لا يجوز الاتفاق علي التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه ، ……"
- وبناءا علي ما سبق ، يلزم أن تتوافر الأهلية لدى الأطراف ، وهي أهلية التصرف ، فإذا ما تلق الأمر بأطراف غير مصريين فالمرجع حينئذ سيكون لقانون جنسيتهم في شأن أهليتهم .
- وعلي ذلك لا يملك القاصر أو المحجور عليه قبول التحكيم ، ولا يملك الولي أو الوصي أو القيم قبوله نيابة عنهم فليس لهم التصرف في أموالهم إلا بإذن من المحكمة الحسبية وفي الأحوال المقررة في القانون .
- أما بالنسبة للأشخاص الاعتبارة العامة أو الخاصة ، فينفي التأكد من استيفاءهم الشروط التي يقررها القانون الذي نشأوا في ظله للإقرار بالشخصية الاعتبارية لهم .
ولعل مسألة كون أحد الأطراف في اتفاق التحكيم هو الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة تحتاج إلي قدر من التفصيل ، خاصة وأن الدولة قد تتزرع بعدم القابلية لتحكيم من التاحية الشخصية إذا أرادت أن تتملص من اللجوء للتحكيم .
-وحتى نستطيع أن نتعرض لجوانب هذا الموضوع ينبغي الإشارة إلي الوضع قبل قانون التحكيم المصري الجديد ثم الوضع بعد صدور هذا القانون .
أولا : الوضع قبل قانون التحكيم المصري الجديد رقم 27 لسنة 1994:
نصت المادة 501 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1998 والتي حملت نصوصه تنظيم مسألة التحكيم في الباب الثالث منه – علي أنه " لا يجوز الاتفاق علي التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكم خاصة ، كما لا يجوز الاتفاق علي التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ تنفيذ عقد معين …"
- ولعل عمومية هذا النص سببت نوعا من التضارب في الفقه ما بين فريق ذهب إلي جواز التحكيم في عقود الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وبين فريق رافض لهذه الأجازة .
- ولعل أنصار الفريق الرافض للتحكيم في العقود المبرمة بواسطة الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة استند علي حجج تتمثل في أمرين :
الحجة الأولى : التحكيم يتعارض مع اعتبارات السيادة للدولة :
ذلك أن التحكيم هو سلب لاختصاص القضاء الوطني والقضاء هو مظهر من مظاهر سيادة الدولة أيضا .
ولعل هذه الحجة مرفوضة من أكثر وجه :
أولا: أن التحكيم منظم من قبل القانون الوطني وبالتالي حتى ولو كان التحكيم فيه سلبا لاختصاص قضاء الدولة فإن الشرع الوطني هو الذي سمح بذاك .
ثانيا: القضاء يشرف علي عملية التحكيم برقابته للعملية التحكمية ، فإذا ما جاء المحكم عن الطريق فإن الوسائل متاحة للمحتكمين للجوء للقضاء حت
من إعداد محمد علي السيد المحكم والمحام بالنقض
النظرة العامة للقانون رقم 47 لسنة 1994 – قانون التحكيم المصري الجديد – تتطلب منا لاستخلاص ماهية السائل التي يجوز التحكيم فيها أن نتناول هذه المسألة علي وجهين :
الوجه الأول : قابلية التحكيم من الأشخاص .(القابلية الشخصية للتحكيم )
الوجه الثاني : قابلية التحكيم من حيث موضوع النزاع ( القابلية الموضوعية للتحكيم )
الوجه الأول : القابلية الشخصية للتحكيم :
ونعني بالقابلية الشخصية للتحكيم هو أن يكون التحكيم بين أطراف يجوز لهم الالتجاء للتحكيم كوسيلة من وسائل فض المنازعات التي تنشأ فيما بينهم.
ولعل التحكيم بحكم كونه عقد ملزم لإبرامه في أطرافه أن يتوافر لديهم الرضا والأهلية بحكم كونهما من الشروط العامة لانعقاد أي عقد من العقود .
الرضا:
- يلزم لإبرام عقد التحكيم توافر الرضا في أطرافه ، معقد التحكيم- كغيره من العقود- قوامه الإرادة ، فإذا انتفت الإرادة كلية كان العقد باطلا بطلانا مطلقا ويصبح العقد في حكم العدم ، وترتيبا علي ذلك ، إذا صدر اتفاق التحكيم عن صبي غير مميز أو عن مجنون كان اتفاق التحكيم منعدما ، ولا فرق في ذلك بين شرط التحكيم أو المشارطة .
- أما إذا كانت إرادة أطراف العملية التحكمية معيبة بعيب من عيوب الإرادة ( الغلط ، التدليس ، الإكراه ،الاستغلال ) فإن العقد يكون باطلا وفقا لأحكام القانون المدني .
الأهلية :
- المادة (11) من قانون التحكيم المصري الجديد تنص علي أنه " لا يجوز الاتفاق علي التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه ، ……"
- وبناءا علي ما سبق ، يلزم أن تتوافر الأهلية لدى الأطراف ، وهي أهلية التصرف ، فإذا ما تلق الأمر بأطراف غير مصريين فالمرجع حينئذ سيكون لقانون جنسيتهم في شأن أهليتهم .
- وعلي ذلك لا يملك القاصر أو المحجور عليه قبول التحكيم ، ولا يملك الولي أو الوصي أو القيم قبوله نيابة عنهم فليس لهم التصرف في أموالهم إلا بإذن من المحكمة الحسبية وفي الأحوال المقررة في القانون .
- أما بالنسبة للأشخاص الاعتبارة العامة أو الخاصة ، فينفي التأكد من استيفاءهم الشروط التي يقررها القانون الذي نشأوا في ظله للإقرار بالشخصية الاعتبارية لهم .
ولعل مسألة كون أحد الأطراف في اتفاق التحكيم هو الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة تحتاج إلي قدر من التفصيل ، خاصة وأن الدولة قد تتزرع بعدم القابلية لتحكيم من التاحية الشخصية إذا أرادت أن تتملص من اللجوء للتحكيم .
-وحتى نستطيع أن نتعرض لجوانب هذا الموضوع ينبغي الإشارة إلي الوضع قبل قانون التحكيم المصري الجديد ثم الوضع بعد صدور هذا القانون .
أولا : الوضع قبل قانون التحكيم المصري الجديد رقم 27 لسنة 1994:
نصت المادة 501 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1998 والتي حملت نصوصه تنظيم مسألة التحكيم في الباب الثالث منه – علي أنه " لا يجوز الاتفاق علي التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكم خاصة ، كما لا يجوز الاتفاق علي التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ تنفيذ عقد معين …"
- ولعل عمومية هذا النص سببت نوعا من التضارب في الفقه ما بين فريق ذهب إلي جواز التحكيم في عقود الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وبين فريق رافض لهذه الأجازة .
- ولعل أنصار الفريق الرافض للتحكيم في العقود المبرمة بواسطة الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة استند علي حجج تتمثل في أمرين :
الحجة الأولى : التحكيم يتعارض مع اعتبارات السيادة للدولة :
ذلك أن التحكيم هو سلب لاختصاص القضاء الوطني والقضاء هو مظهر من مظاهر سيادة الدولة أيضا .
ولعل هذه الحجة مرفوضة من أكثر وجه :
أولا: أن التحكيم منظم من قبل القانون الوطني وبالتالي حتى ولو كان التحكيم فيه سلبا لاختصاص قضاء الدولة فإن الشرع الوطني هو الذي سمح بذاك .
ثانيا: القضاء يشرف علي عملية التحكيم برقابته للعملية التحكمية ، فإذا ما جاء المحكم عن الطريق فإن الوسائل متاحة للمحتكمين للجوء للقضاء حتى يصحح الأوضاع المغلوطة .
ثالثا : القضاء قد يحسم الخصومات برأي خبير ، أليس التحكيم نوعا من اللجوء المباشر لخبير لحسم المنازعة بين الخصوم ؟
رابعا: فيما يتعلق بتطبيق قوانين غير وطنية ، وما تحمله من معنى عدم احترام سيادة الدولة نوع من الفهم القاصر لمعنى " القانون" .
فالقواعد القانونية ليست هي القانون الوضعي وحده بل يوجد قواد قانونية أخرى بجوارها تكمل نقائصها وتلائم بينها وبين المصالح المطلوب حمايتها ، وفي مجال المعاملات الدولية ، تتصارع القوانين حتى تفصل قواعد القانون الدولة الخاص في أي القوانين أوجب للتطبيق ، وبطبيعة الحال سيكون هذا القانون أجنبيا لأحد أطراف خصومة التحكيم ، وليس في ذلك أي من انتهاك لاعتبارات سيادة الدولة ، فاتفاق التحكيم لا يهدر سيادة قانون معين بالذات وإنما هو أداة لتسوية صراعات بين عدة قوانين وطنية بتطبيق أحدهم أو بإقصائها جميعا وإحلال قواعد أخرى محلها .
وبناءا علي ما سبق لا تنهض حجة التعارض مع اعتبارات سيادة الدولة علي تأسيس بل تصبح في الإطار السابق متعنية الرفض .(1)
الحجة الثانية : إجازة التحكيم في عقود الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة عدوان علي اختصاص القضاء الإداري :
- تنص المادة 172 من الدستور المصري علي " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ، ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى "
- ورد بالقرار بقانون بشأن مجلس الدولة رقم 47 لسنة 72 ما نصه " تختص محاكم مجلس الدولة دون غرض بالفصل في المسائل التالية :
(حادي عشر ) –المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو بأي عقد إداري أخر …."
- والحقيقة أن هذه الحجة كذلك لا تنهض دليلا علي عدم جواز التحكيم في العقود الادارية ذلك أن نص المادة 172 من الدستور المصري لا تجدي في هذا المقام فهي وردت في معرض تأكيد استقلالية المجلس بنص دستوري وصونا له من عدم مساس المشرع العاري به .
- أما نص المادة العاشرة في فقرتها حادي عشر ، يفسره تطور اختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية ، فالقانون رقم 9 لسنة 49 كان يجيز للقضاء الإداري كما يجيز للقضاء العاري نظر هذه الدعاوى ، بحيث إذا تم رفع المنازعة أمام مجلس الدولة امنتع الالتجاء للقضاء العاري وكذلك الحال إذا تم اللجوء للقضاء العادي يمتنع رفع نفس النزاع لمجلس الدولة . وكان هذا الاختصاص المشترك يمثل شذوذا وجاء تصحيحه بالقانون رقم 165 لسنة 1955 وتم تأكيده بالفقرة الحادية عشر بالمادة الخامسة من ق رقم 47 لسنة 72 ، ومن ثم يبدو جليا أنه ليس القصد باختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها … استبعاد العقود الإدارية من نطاق التحكيم كوسيلة لفض المنازعات بقدر ما هو تطور تاريخي لاختصاص مجلس الدولة . (1)
موقف القضاء :
المبحث الاول
رقابة القضاء لتنفيذ احكام التحكيم في القانون الوضعى
• لا شك أن مسالة التحكيم من المسائل التى تحوز اهمية بالغة في عصرنا الحديث بيد انه في ذات الوقت تحوز مسالة تنفيذ احكام التحكيم اهمية لا تقل باى حال عن اهمية العملية التحكيمية ذاتها ، لذا ينبغى أن نقرر أن تنفيذ الاحكام الصادرة عن الهيئات التحكيمية تختلف عن الاحكام القضائية في مرحلة التنفيذ .
• ذلك أن احكام القضاء تحوز قوة التنفيذ اذا ما صدرت من محاكم الدرجة الأولي او الدرجة الثانية بحسب الاحوال حين أن احكام المحكمين لا تحوز هذه القوة الا بعد صدور اذن من القاضى المختص حين يرى البعض أن حكم المحكم يولد مشتملا على عنصر تنفيذه جبرا أي انه يولد مزودا بالقوة التنفيذية ، والصيغة التنفيذية التى يذيل بها ليست الا شكلا لترجمة هذه القوة الذاتية لحكم التحكيم . [1]
• والحق أن القاضى المختص يصدر امره بالتنفيذ لحكم التحكيم بمقتضى السلطة الولائية فالقاضى حينما يقوم بدوره هذا لا يخرج عن كونه يساعد شخصا عاديا يصدر حكما تنقصه القوة التنفيذية فيكمل القاضى دور المحكم ويسبغ على حكمه القوة التنفيذية ويجعله بذلك كالسندات التنفيذية . [2]
• وفى هذا الصدد يجب عدم الخلط – بطبيعة الحال – بين قوة التنفيذ لاحكام التحكيم وبين حجية الامر المقضى لهذه الاحكام . [3]
القابلية للتحكيم
النظرة العامة للقانون رقم 47 لسنة 1994 – قانون التحكيم المصري الجديد – تتطلب منا لاستخلاص ماهية السائل التي يجوز التحكيم فيها أن نتناول هذه المسألة علي وجهين :
الوجه الأول : قابلية التحكيم من الأشخاص .(القابلية الشخصية للتحكيم )
الوجه الثاني : قابلية التحكيم من حيث موضوع النزاع ( القابلية الموضوعية للتحكيم )
الوجه الأول : القابلية الشخصية للتحكيم :
ونعني بالقابلية الشخصية للتحكيم هو أن يكون التحكيم بين أطراف يجوز لهم الالتجاء للتحكيم كوسيلة من وسائل فض المنازعات التي تنشأ فيما بينهم.
ولعل التحكيم بحكم كونه عقد ملزم لإبرامه في أطرافه أن يتوافر لديهم الرضا والأهلية بحكم كونهما من الشروط العامة لانعقاد أي عقد من العقود .
الرضا:
- يلزم لإبرام عقد التحكيم توافر الرضا في أطرافه ، معقد التحكيم- كغيره من العقود- قوامه الإرادة ، فإذا انتفت الإرادة كلية كان العقد باطلا بطلانا مطلقا ويصبح العقد في حكم العدم ، وترتيبا علي ذلك ، إذا صدر اتفاق التحكيم عن صبي غير مميز أو عن مجنون كان اتفاق التحكيم منعدما ، ولا فرق في ذلك بين شرط التحكيم أو المشارطة .
- أما إذا كانت إرادة أطراف العملية التحكمية معيبة بعيب من عيوب الإرادة ( الغلط ، التدليس ، الإكراه ،الاستغلال ) فإن العقد يكون باطلا وفقا لأحكام القانون المدني .
الأهلية :
- المادة (11) من قانون التحكيم المصري الجديد تنص علي أنه " لا يجوز الاتفاق علي التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه ، ……"
- وبناءا علي ما سبق ، يلزم أن تتوافر الأهلية لدى الأطراف ، وهي أهلية التصرف ، فإذا ما تلق الأمر بأطراف غير مصريين فالمرجع حينئذ سيكون لقانون جنسيتهم في شأن أهليتهم .
- وعلي ذلك لا يملك القاصر أو المحجور عليه قبول التحكيم ، ولا يملك الولي أو الوصي أو القيم قبوله نيابة عنهم فليس لهم التصرف في أموالهم إلا بإذن من المحكمة الحسبية وفي الأحوال المقررة في القانون .
- أما بالنسبة للأشخاص الاعتبارة العامة أو الخاصة ، فينفي التأكد من استيفاءهم الشروط التي يقررها القانون الذي نشأوا في ظله للإقرار بالشخصية الاعتبارية لهم .
ولعل مسألة كون أحد الأطراف في اتفاق التحكيم هو الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة تحتاج إلي قدر من التفصيل ، خاصة وأن الدولة قد تتزرع بعدم القابلية لتحكيم من التاحية الشخصية إذا أرادت أن تتملص من اللجوء للتحكيم .
-وحتى نستطيع أن نتعرض لجوانب هذا الموضوع ينبغي الإشارة إلي الوضع قبل قانون التحكيم المصري الجديد ثم الوضع بعد صدور هذا القانون .
أولا : الوضع قبل قانون التحكيم المصري الجديد رقم 27 لسنة 1994:
نصت المادة 501 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1998 والتي حملت نصوصه تنظيم مسألة التحكيم في الباب الثالث منه – علي أنه " لا يجوز الاتفاق علي التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكم خاصة ، كما لا يجوز الاتفاق علي التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ تنفيذ عقد معين …"
- ولعل عمومية هذا النص سببت نوعا من التضارب في الفقه ما بين فريق ذهب إلي جواز التحكيم في عقود الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وبين فريق رافض لهذه الأجازة .
- ولعل أنصار الفريق الرافض للتحكيم في العقود المبرمة بواسطة الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة استند علي حجج تتمثل في أمرين :
الحجة الأولى : التحكيم يتعارض مع اعتبارات السيادة للدولة :
ذلك أن التحكيم هو سلب لاختصاص القضاء الوطني والقضاء هو مظهر من مظاهر سيادة الدولة أيضا .
ولعل هذه الحجة مرفوضة من أكثر وجه :
أولا: أن التحكيم منظم من قبل القانون الوطني وبالتالي حتى ولو كان التحكيم فيه سلبا لاختصاص قضاء الدولة فإن الشرع الوطني هو الذي سمح بذاك .
ثانيا: القضاء يشرف علي عملية التحكيم برقابته للعملية التحكمية ، فإذا ما جاء المحكم عن الطريق فإن الوسائل متاحة للمحتكمين للجوء للقضاء حت
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى