التعويض القانوني ( فوائد التأخير ) في القانون المدني
صفحة 1 من اصل 1
التعويض القانوني ( فوائد التأخير ) في القانون المدني
التعويض القانوني ( فوائد التأخير ) في القانون المدني
اعداد المستشار
أحمد عصام
المركز المصرى للإصدارات القانونية
اعداد المستشار
أحمد عصام
المركز المصرى للإصدارات القانونية
يقصد بالتعويض القانوني التعويض الذي يلتزم المدين بدفعه للدائن نتيجة عدم تنفيذ التزامه المتمثل بدفع مبلغ من النقود ، وهو عبارة عن مبلغ إضافي من النقود يحدد على أساس نسبة مئوية من مقدار الالتزام الأصلي .
ـ أنواع التعويض القانوني :
هناك نوعين من الفوائد :
1 ـ فوائد تأخيرية : وهي الفوائد التي يلتزم بها المدين كتعويض عن التأخير في الوفاء بالتزامه بدفع مبلغ من النقود في الموعد المحدد . و هذه الفوائد قد تكون اتفاقية اشترطها المتعاقدان في شكل شــرط جزائي ، و قد تكون قانونية يتولى المشرع تحديدها عند سكوت المتعاقدين عن تحديدها .
2 ـ فوائد تعويضية : وهي الفوائد التي يلتزم بها المدين كتعويض عن الانتفاع برأس المال ، و أكثر ما تصادف هذه الفوائد في عقد القرض , حيث يتفق الدائن مع المدين على دفع فائدة معينة مقابل الانتفاع بالمبلغ المقترض ، و هي دائماً فوائد اتفاقية , أي أن المدين لا يلتزم بها إذا لم يكن هناك اتفاق عليها , و لذلك ليس لهذه الفوائد إلا سعر واحد هو السعر الاتفاقي .
شروط استحقاق التعويض القانوني
يجب لاستحقاق التعويض القانوني توفر الشروط التالية :
أولاً ـ أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب :
فالعبرة بمحل الالتزام ، و ما دام هذه المحل هو دفع مبلغ من النقود فمن الجائز أن تكون هناك فوائد مستحقة , و لا عبرة بمصدر الالتزام .
و يجب أن يكون مبلغ النقود معلوم المقدار وقت الطلب ، و ذلك بصراحة نص المادة 227 من القانون المدني ، و هذا الشرط عملياً يفقد أهميته لأن الالتزام بدفع مبلغ من النقود يكون معلوم المقدار حين يطالب به الدائن , ولو كان غير خال من النزاع ، لأن الدائن يقدر حتماً المبلغ الذي يطالب به .
و إذا كان مقدار التعويض عن الالتزام الناشئ عن عمل غير مشروع يتحدد بصدور الحكم بالتعويض ، أو بالاتفاق على مقداره ، فإن فوائد هذا الالتزام لا تسري إلا من هذا الوقت ، و هنا تظهر أهمية هذا الشرط ، لأنه لولا هذا الشرط لاستحقت الفوائد من تاريخ رفع الدعوى ، و يسرى هذا الحكم على جميع الفوائد سواء كانت تأخيرية أم تعويضية .
ثانياً ـ تأخر المدين في الوفاء بالتزامه :
حتى تستحق فوائد التأخير يجب أن يكون هناك خطأ و ضرر و علاقة سببية , و أيضاً إعـذار .
أما الخطأ فهو التأخر في الوفاء بحد ذاته , لأن الالتزام بوفاء مبلغ من النقود في ميعاد معين هو التزام بتحقيق نتيجة.
أما بالنسبة للضرر و علاقة السببية ، فقد نصت المادة 229 من القانون المدني السوري على افتراض وجود الضرر افتراضاًغير قابل لإثبات العكس , و هو أن مجرد تأخر المدين عن الوفاء بالمبلغ يحدث ضرراً بحق الدائن ، و بالتالي فلا يحتاج الدائن إلى إثبات الضرر و لا يستطيع المدين نفي وقوعه .
و سبب افتراض الضرر و علاقة السببية أن الدائن إما أن يكون في حاجة إلى هذه النقود فيضطر لاقتراضها , و عندئذٍ يكون قد أصابه خسارة جراء تأخر المدين , و إما أن لا يكون في حاجة إلى هذه النقود ، ولكن هذه النقود يمكن استغلالها , و عندئذٍ يكون قد فاته ربح من جراء تأخر حصوله على النقود .
أما بالنسبة للفوائد التعويضية , فإنها يشترط لاستحقاقها أيضاً تأخر المدين في الوفاء بهـا ، و تسري هذه الفائدة من وقت الاتفاق ، فهي فائدة عن دين لم يحل استحقاقه ، أما إذا حل أجل استحقاق الدين و لم يدفع المدين الدين ، فإن هذه الفوائد تبقى سارية بعد استحقاقه ، و لكنها تصبح فوائد تأخيرية إلى حين الوفاء ، لأنها تعتبر حينئذٍ بمثابة تعويض عن تأخر المدين في الوفاء بالتزامه . فالشرط الوحيد لاستحقاق هذه الفوائد هو اتفاق الدائن مع المدين على ألا تتجاوز هذه الفوائد الحد الأقصى .
ثالثاً ـ المطالبة القضائية :
لقد تشدد القانون المدني في تحديد بدء سريان الفوائد التأخيرية ، فجعلها من وقت المطالبة القضائية و ليس من وقت الإعذار . و اشترط أن تتضمن صحيفة الدعوى الفوائد , و ذلك تنكراً منه للربا .
و لكن هذا الحكم لـــيس من النظام العام , و بالتالي يجوز للطرفين الاتفاق على خلافـه ، أي على سريان الفوائد من وقت الإعذار مثلاً ، و هذا ما يقع عادة عندما يتفق الطرفان على سعر اتفاقي للفوائد التأخيرية .
و قد يحدد العرف التجاري ميعاداً آخر لبدء سريان الفوائد التأخيرية غير وقت المطالبة القضائية , كما في الحساب الجاري .
و قد ينص القانون في حالات خاصة على سريان الفوائد التأخيرية من وقت آخر غير المطالبة القضائية ، حيث تسري هذه الفوائد لمصلحة الشركة من يوم أخذ الشريك مال الشركة أو احتجازه ، و لمصلحة الشريك من يوم مده الشركة بالمال أو إنفاق المصروفات النافعة . و قد تسري مثلاً من وقت إعذار المدين , أو من وقت حلول أجل الدين ، أو من وقت القيام بعمل معين , كسريان الفوائد من وقت تسليم المبيع القابل لإنتاج ثمرات أو إيرادات أخرى , أو من وقت استحقاق الدين .
و الإعفاء من الإعذار يتضمن إعفاء من شرط المطالبة القضائية لاستحقاق فوائد التأخير إذا كان محل الالتزام دفع مبلغ من النقود .
ـ مـقــدار الفــوائـد :
أدت كراهية المشرع للربا إلى تدخله لتحديد السعر القانوني للفوائد من خلال وضع حد أقصى لسعر الفائدة ، لكنه أجاز في بعض الحالات النزول أو الزيادة عن الحدود المقررة لها .
ـ سعر الفائدة :
1 ـ بالنسبة للفوائد التأخيرية : سعرها يمكن أن يكون قانونياً ، ويمكن أن يكون اتفاقياً .
فالسعر القانوني في المسائل المدنية هو 4 % , و في المسائل التجارية هو 5 % .
و العبرة للتمييز بين المسائل المدنية و التجارية هي للمدين فيما إذا كان تاجراً أو غير تاجر , و لا عبر للدائن .
أما السعر الاتفاقي فيجب ألا يزيد عن 9 % , و قد يكون أقل من السعر القانوني .
2 ـ بالنسبة للفوائد التعويضية : ليس لهذه الفوائد إلا سعر واحد , هو السعر الاتفاقي ، و الحد الأقصى للفوائد التعويضية هو الحد الأقصى للفوائد التأخيرية , أي 9 %
فإذا اتفق المتعاقدان على فوائد تزيد عن 9 % , فيجب خفضها إلى 9 % , و يتعين رد ما دفع زائداً على هذا المقدار . و للمدين الذي يريد استرداد الزيادة أن يقدم الدليل على الربا الفاحش بجميع طرق الإثبات .
و لا يقتصر التخفيض إلى الحد المقرر في القانون على السعر الاتفاقي ، بل يتناول أيضاً السعر القانوني ، فإذا ما دفع المدين فوائد قانونية تزيد عن 4 أو 5 % , فيجب تخفيض هذه الفوائد إلى هذا السعر و استرداد المدين ما دفع زائداً .
حالات تخفيض الفوائد عن الحدود المقررة
نص القانون على جواز تخفيض الفوائد عن الحدود المقررة في الحالات التالية :
الحالة الأولى : تسبب الدائن بسوء نية في إطالة أمد النزاع :
و المبدأ الذي يقوم عليه هذا الحكم هو مبدأ التعسف في استعمال الحق . فإذا تسبب الدائن بسوء نية في إطالة أمد النزاع فهو إنما يتعسف في المطالبة بحقه , و في استعمال الإجراءات التي وضعها القانون تحت تصرفه للوصول إلى هذا الحق , كإنكار التوقيع , أو تقديم دفوع غير جدية .
و هكذا ، يشترط لتطبيق هذه الحالة توفر الشرطين التاليين :
1 ـ يجب إطالة أمد النزاع بدون مبرر : كإكثار الدائن من الدفوع الكيدية التي قد يطول أمد تحقيقها ، أو تعمده رد القضاة مثلاً .
2 ـ يجب أيضاً إثبات سوء نية الدائن : فلا يكفي أن يكون الدائن قد أخطأ في إطالة أمد النزاع خطأ عادياً , بل يجب أن يكون متعمداً في ذلك حتى تتراكم الفوائد على المدين .
و يقع على المدين عبء إثبات الشرطين معاً ، ومتى أثبت ذلك جاز للقاضي تخفيض الفوائد إلى الحد المعقول ، لا بل إنه يستطيع ألا يقضي بها أبداً .
الحالة الثانية : الفوائد التأخيرية بعد الإحالة القطعية :
عند توزيع ثمن الشيء الذي تم بيعه جبراً بالمزاد العلني ، فإن الدائنون المقبولون في التوزيع يستحقون فوائد تأخير - سواء كانت قانونية أو اتفاقية - إلى وقت الإحالة القطعية فقط .
أما بعد هذه الإحالة فلا تنتج الديون التي ينفذ بها على أموال المدين أية فوائد تأخيرية ، إلا إذا كان المحال عليه ملزماً بدفع فوائد على هذا الثمن ، على أن لا تتجاوز فوائد التأخير ما هو مستحق من هذه الفوائد في ذمة المحال عليه .
الحالة الثالثة : زيادة مجموع الفوائد على رأس المال :
إن المشرع السوري قد نص على قيدين على استحقاق الفوائد بشكل عام , سواء كانت فوائد تأخيرية أم تعويضية ، و هذا القيدان هما :
1 ـ تحريم زيادة مجموع الفوائد على رأس المال : و مجموع الفوائد المقصود به هنا هو الفائدة بجميع أنواعها التأخيرية و التعويضية بسعرها القانوني و الاتفاقي .
و يرد على هذا الحكم قيدان :
القيد الأول يستثني ما تقضي به القواعد و العادات التجارية , كما في الحساب الجاري .
أما القيد الثاني فينص على أن زيادة مجموع الفوائد على رأس المال ممنوعة في الصفقة الواحدة , لا في مجموع الصفقات في حال تعددها .
2 ـ تحريم الأرباح المركبة : يقصد بالأرباح المركبة تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ، أي إضافة الفوائد المستحقة التي لم يتم الوفاء بها إلى رأس المال , و تقاضي فوائد على أساس المجموع الكلي للمبلغ الجديد .
و قد حرم المشرع الأرباح المركبة ، لأن تجميد الفوائد فيه خطر شديد على المدين , لأنه يؤدي إلى سرعة تضخم المدين .
فمثلاً ، إذا تأخر المدين عن وفاء مليون ليرة سورية سنة , فاستحقت عليه فائدة تأخير قدرها 4 % , ثم لم يفِ هذا المدين لا بأصل الدين ولا بالفائدة حتى مرت سنة أخرى ، ففي هذه الحالة تستحق فائدة تأخير عن السنة الثانية ، و تحسب هذه الفائدة استناداً لأصل الدين فقط و هو مليون ليرة سورية دون الحصول على فائدة السنة السابقة ،
و لكن يرد على هذا التحريم الاستثناءان التاليان :
أ)- الاستثناء الأول : ما تقضي به القواعد و العادات التجارية من جواز الأرباح المركبة في بعض الحالات : حيث أباح المشرع السوري هذه الفوائد بشرط :
1) أن تكون واجبة الأداء .
2) و أن تكون مستحقة عن سنة على الأقل .
3) و أن يتم الاتفاق على التجميد , أو يطالب الدائن قضائياً بعد أن يصبح ما يراد تجميده منها مستحق الأداء .
ب)- الاستثناء الثاني : يقضي أن التحريم لا ينصرف إلى كافة الاستحقاقات الدورية ، و يقتصر على الفوائد بالمعنى الدقيق :فلا ينصرف إلى الأجرة و الإيرادات المرتبة مدى الحياة ، لأنها لا تعتبر في حكم الفوائد , و بالتالي يجوز تقاضي فـوائد عن المتجمد من هـذه الاسـتحقاقات .
جواز الزيادة عن الحدود المقررة
نص القانون على جواز زيادة الفوائد عن الحدود المقررة في حالتين :
1 ـ سوء نية المدين : و تطبيق هذا الحكم يتطلب توفر شرطين .
أ ـ إحداث ضرر استثنائي بالدائن : لا يكون هو بالضرر المألوف الذي ينجم عادةً عن التأخير في الوفاء , كتفويت صفقة لو تمت كانت ستحقق له ربحاً كبيراً , أو ستؤدي لتفادي خسارة جسيمة كان يمكن تلافيها لو تم الوفاء في الموعد المحدد .
ب ـ سوء نية المدين : فيجب أن يكون المدين عند عدم الوفاء بالتزامه سيئ النية ، أي يجب أن يكون عالماً أن عدم الوفاء بالتزامه سوف يسبب الضرر للدائن . و علة هذا الاستثناء أن حرمان الدائن من الحصول على التعويض التكميلي قد يعتبر بمثابة إعفاء جزئي من المسؤولية المترتبة على سوء نية المدين ، و هذا غير جائز و لو كان نتيجة اتفاق خاص .
و يجب على الدائن إثبات الشرطين ، و متى أثبت ذلك فإنه يحصل من المدين على تعويض تكميلي يضاف إلى الفوائد التأخيرية المستحقة في ذمة المدين لتأخره في الوفاء بالدين ، و يكون
هذا التعويض التكميلي عن الضرر الاستثنائي الذي سببه المدين للدائن بسوء نية .
2 ـ الحساب الجاري : فيجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد بالنسبة للحساب الجاري , و يتبع في حساب هذه الفوائد المركبة ما يقضي به العرف التجاري .
مواضيع مماثلة
» فسخ العقد في القانون المدني إعداد المستشار أحمد عصام السيد
» التعويض المورث التعويض عن الموت الفورى
» القانون رقم 73 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية و القانون رقم 91 لسنة 1944 بالرسوم أمام المحاكم الشرعية
» التعويض عن تفويت الفرصة الكسب الفائت
» أحكام النقض فى التعويض عن الضرر المدنى
» التعويض المورث التعويض عن الموت الفورى
» القانون رقم 73 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية و القانون رقم 91 لسنة 1944 بالرسوم أمام المحاكم الشرعية
» التعويض عن تفويت الفرصة الكسب الفائت
» أحكام النقض فى التعويض عن الضرر المدنى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى