منتدى المستشار أحمد عصام السيد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

القبول فى عقد الإذعان

اذهب الى الأسفل

القبول فى عقد الإذعان  Empty القبول فى عقد الإذعان

مُساهمة  admin السبت مايو 21, 2016 7:45 am

القبول فى عقد الإذعان *
تمهيد: قد يكون القبول مجرد إذعان لما يمليه الموجب, فالقابل للعقد لم يُصدِر قبوله بعد مناقشة ومفاوضة, بل هو فى موقفه من الموجب لا يملك إلا أن يأخذ أو أن يدع. ولما كان فى حاجة إلى التعاقد على شئٍ لا غناء عنه, فهو مضطر إلى القبول. فرضاؤه موجود, ولكنه مفروض عليه. ومن ثم سُمِيَت هذه العقود بعقود الإذعان. هذا الضرب من الإكراه ليس هو المعروف فى عيوب الإرادة, بل هو إكراه متصل بعوامل إقتصادية أكثر منه متصلاً بعوامل نفسية.
ويتبين مما تقدم أن عقود الإذعان لا تكون إلا فى دائرة معينة تحددها الخصائص الآتية : (1) تعلق العقد بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة إلى المستهلكين أو المنتفعين. (2) إحتكار الموجب لهذه السلع أو المرافق إحتكاراً قانونياً أو فعلياً, أو على الأقل سيطرته عليها سيطرة تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق. (3) صدور الإيجاب من الناس كآفة وبشروط واحدة وعلى نحو مستمر أى لمدة غير محددة. ويغلب أن يكون فى صيغة مطبوعة تحتوى على شروط مفصلة لا تجوز فيها المناقشة وأكثرها لمصلحة الموجب, فهى تارةً تخفف من مسئوليته التعاقدية وأخرى تُشَدِد فى مسئولية الطرف الآخر, وهى فى مجموعها من التعقيد بحيث يغم فهمها على أوساط الناس.
وأمثلة هذه العقود كثيرة : فالتعاقد مع شركات النور والماء والغاز, ومع مصالح البريد والتلغراف والتلفون, وعقد النقل بوسائله المختلفة من سكك حديدية وكهربائية وبواخر وسيارات وطيارت وغير ذلك, والتعاقد مع شركات التأمين بأنواعه المتعددة, وعقد العمل فى الصناعات الكبرى, كل هذا يدخل فى دائرة عقود الاذعان. ومن ثم نرى أن القبول فى هذه العقود هو كما قدمنا إذعان. فالموجب يعرض إيجابه فى شكل بات نهائى لا يقبل مناقشة فيه, فلا يسع الطرف الآخر إلا أن يقبل إذ لا غنى له عن التعاقد, فهو محتاج إلى الماء والنور والغاز, وكثيراً ما تعرض له حاجة إلى الإتصال بالناس عن طريق التراسل ولابد له من التنقل والسفر فى بعض الأحايين, وهو مضطر إلى العمل ليكسب ما يقوم بأوده. وقد نصت المادة 100 من القانون الجديد على هذا المعنى فى العبارات الآتية: "القبول فى عقود الاذعان يقتصر على مجرد التسليم بشروط مقررة يضعها الموجب ولا يقبل مناقشة فيها".
طبيعة عقود الإذعان : وقد إنقسم الفقهاء فى طبيعة عقود الإذعان إلى مذهبين رئيسين. فبعضهم يرى أن عقود الإذعان ليست عقوداً حقيقية, ويذهب فريق آخر إلى أنها لا تختلف عن سائر العقود.
أما الفريق الأول ــــ وعلى رأسهم الأستاذ سالى وتابعه فى ذلك فقهاء القانون العام مثل ديجيه وهوريو – فيُنكِر على عقود الإذعان صبغتها التعاقدية, إذ أن العقد توافق إرادتين عن حرية وإختيار, أما هنا فالقبول مجرد إذعان ورضوخ. فعقد الإذعان أقرب إلى أن يكون قانوناً أخذت شركات الإحتكار الناس بإتباعه, فيجب تفسيره كما يُفسَر القانون, ويُراعى فى تطبيقه مقتضيات العدالة وحسن النية, وينظر فيه إلى ما تستلزمه الروابط الإقتصادية التى وضع لتنظيمها. ويرى الأستاذ ديموج, ويتفق مع هذا مع فقهاء القانون العام, أن عقد الإذعان هو مركز قانونى منظم (institution) يجب أن يعنى فى تطبيقه بصالح العمل أولاً, ثم بما يستحق الحماية من صالح كل من طرفى العقد.
ويرى الفريق الثانى ــــ وهم غالبية فقهاء القانون المدنى ــــ أن عقد الإذعان عقد حقيقى يتم بتوافق إراديتين, ويخضع للقواعد التى تخضع لها سائر العقود. ومهما قيل من أن أحد المتعاقدين ضعيف أمام الآخر, فان هذه ظاهرة إقتصادية لا ظاهرة قانونية, وعلاج الأمر لا يكون بإنكار صفة العقد على عقد حقيقى, ولا بتمكين القاضى من تفسير العقد كما يشاء بدعوى حماية الضعيف, فتضطرب المعاملات وتفقد إستقرارها, بل إن العلاج الناجع هو تقوية الجانب الضعيف حتى لا يستغله الجانب القوى. ويكون ذلك بإحدى وسيلتين أو بهما معاً : الأولى وسيلة إقتصادية فيجتمع المستهلكون ويتعاونون على مقاومة التعسف من جانب المحتكر, والثانية وسيلة تشريعية فيتدخل المُشرِع ــــ لا القاضى ــــ ليُنظِم عقود الإذعان.
حكم عقود الإذعان فى التقنين القديم والجديد : وقد كانت الحماية فى مصر, فى ظل التقنين القديم, حماية قضائية. فكان القضاء من جهة يعتبر عقود الإذعان عقوداً حقيقية واجبة الإحترام, فيحترم الشروط المطبوعة فى عقد الإيجار, وفى عقود التأمين, ويُلزِم من يتعامل مع شركة بإحترام لوائحها المطبوعة, ومن يتعاقد مع مصلحة السكك الحديدية بمراعاة نظمها ولوائحها, ويُقَيِد المستخدم فى عقد العمل بإحترام لوائح الخدمة التى يخضع لها. إلا أنه مع ذلك يُغلِب الشروط المكتوبة على الشروط المطبوعة, ويُبطِل الإعفاء الإتفاقى من المسئولية, ويفسر الإلتزام فى مصلحة الطرف المذعن, وينسخ الإرادة السابقة بالإرادة اللاحقة.
وجاء التقنين الجديد فجعل الحماية تشريعية, ونظم بنصوصٍ خاصة عقد إلتزام المرافق العامة وعقد العمل وعقد التأمين. وأتى بنصوصٍ عامة لتنظيم عقود الإذعان كآفة, فجعل بذلك للقضاء المصرى فى ظل القانون القديم سنداً تشريعياً فى عهد القانون الجديد, مهد أمامه الطريق ليخطو خطوات أوسع فى حماية الجانب المذعن. وندع النصوص الخاصة فى العقود التى سلفت الإشارة إليها تُدرَس فى مواضعها. ونقتصر هنا على إيراد النصوص العامة.
فقد نصت المادة 149 على أن " إذا تم العقد بطريق الإذعان, وكان قد تضمن شروطاً تعسفية, جاز للقاضى أن يُعدِل هذه الشروط أو أن يعفى الطرف المذعن منها, وذلك وفقاً لما تقضى به العدالة, ويقع باطلاً كل إتفاق على خلاف ذلك ". وهذا النص فى عمومه وشموله آداة قوية فى يد القاضى يحمى بها المستهلك من الشروط التعسفية التى تفرضها عليه شركات الإحتكار. والقاضى هو الذى يملك حق تقدير ما إذا كان الشرط تعسفياً, ولا معقب عليه لمحكمة النقض على تقديره ما دامت عبارة العقد تحتمل المعنى الذى أخذ به. فإذا كشف شرطاَ تعسفياَ فى عقد إذعان, فله أن يعدله بما يزيل أثر التعسف, بل له أن يُلغِيه ويعفى الطرف المذعن منه, ولم يرسم المشرع له حدوداً فى ذلك إلا ما تقتضيه العدالة. ولا يجوز للمتعاقدين أن ينزعا من القاضى سلطته هذه بإتفاق خاص على ذلك, فإن مثل هذا الإتفاق يكون باطلاً لمخالفته النظام العام ولو صح للجأت إليه شركات الإحتكار وجعلته شرطاً مألوفاً (clause de style) فى عقودها.
ونصت المادة 151 على ما يأتى : " 1- يُفَسَر الشك فى مصلحة المدين. 2- ومع ذلك لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة فى عقود الإذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن ". وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " ويُرَاعَى من ناحيةٍ أخرى أن الأصل أن يُفسَر الشك فى مصلحة المدين عند غموض عبارة التعاقد غموضاَ لا يتيح زواله. وقد إستثنى المشروع من حكم هذا الأصل عقود الإذعان, فقضى أن يُفسَر الشك فيها لمصلحة العاقد المذعن, دائناً كان أو مديناَ. فالمفروض أن العاقد الآخر, وهو أقوى العاقدين, يتوافر له من الوسائل ما يمكنه من أن يفرض على المذعن عند التعاقد شروطاَ واضحة بينه. فإذا لم يفعل ذلك أخذ بخطئه أو تقصيره وحمل تبعته, لأنه يعتبر متسبباَ فى هذا الغموض من وجه : أنظر المادة 1288 من التقنين الإسبانى وكذلك المادة 915 من التقنين النمساوى وهى تنص على أن إبهام العبارة يُفسَر ضد من صدرت منه ".
admin
admin
Admin
Admin

عدد الرسائل : 1054
العمر : 71
دعاء : المستشار أحمد عصام السيد
نقاط : 2825
تاريخ التسجيل : 06/01/2008

https://lawer2004.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى